الوصف
تعالج دراسة الباحث السوري حمّود حمّود، تعاطي مثالين لبنانيين مع الأزمة السورية ومساهمتهما في إعادة هيكلة وتطييف الطوائف اللبنانية، وفق حدود جديدة، فرضتها أطراف الصراع في سوريا على لبنان. قسمها إلى قسمين: أولاً: الطائفية-الأصولية. ثانيًا: حزب الله اللبناني… «سوريًا» وسياسة ما وراء الدولة.
يرى الباحث أنه على الرغم من أن سلفيي لبنان قد ساهموا في نقل أبعاد الصراع السوري إلى البلد، الأمر الذي تجسد في كثير من أعمال العنف الطائفية التي شهدتها مناطق لبنانية بحجة الدفاع عن السنة، فإنهم أثبتوا فشلهم في ذلك، لا بل أثبتوا طفولة أصولية لا تقارن بتلك الأصولية الطائفية التي يمارسها حزب الله، والذي قدمت له الأزمة السورية ولادة إقليمية جديدة، نقلته إلى موقع استراتيجي أكثر استطالة في المنطقة، الأمر الذي ساهم في زيادة قبضته على لبنان، تلك القبضة التي تسندها إيران من ورائه.
لقد أثبت حزب الله -كما يشدد الباحث- قدرته على التمنع عن التلوّن بلون واحد، بل وقدرة الحزب على امتصاص التناقضات الأيديولوجية والسياسية المتعددة بالوقت نفسه، وتحديدًا التناقضات بين أهدافه الجهادوية الطائفية، وبين التحالفات السياسية التي يقيمها مع أطراف سياسية، لا تقاسمه هذه الأهداف الدينية، بيد أنها تقاسمه المحافظة على الخراب السياسي وغياب الدولة. إن غياب الدولة، بل وعدم الاعتراف بشرعيتها هو أهم ما يجمع السلفيين الطائفيين السنة مع أشقائهم من أصوليي حزب الله. وللأسف، فإن هذه الأصوات الأصولية، المدفوعة طبعًا بثقل الصراعات السورية التي تلبس الكثير منها بأثواب الطوائف، هي التي استطاعت نقل جزء كبير من الصراعات الإقليمية إلى لبنان، كما رأينا، الأمر الذي ساهم في تعزيز تغييب مشروع الدولة في لبنان، وهو الغياب الذي يجسد البنية العميقة التي يستقي منها الأصوليون استطالاتهم في الخراب. وما الطائفية-الأصولية لسلفيي لبنان وأصوليي حزب الله سوى مثال على هذا.