شبكة حقاني في أفغانستان: مصادر القوة المالية والاقتصادية

45.00 د.إ

أحمد لطفي دهشان

التصنيف: الوسوم:

الوصف

طرحت دراسة أحمد لطفي دهشان، باحث مصري في التاريخ والعلوم السياسية، فرضية أن عامل القوة الأبرز لدى شبكة حقاني، ما تمتلكه من موارد مالية واقتصادية، مكّنتها من البقاء بعد الاحتلال الأميركي لأفغانستان عام 2001، وأدت لتوسعها وتمدد أنشطتها، ونيلها المزيد من الاستقلالية عن حركة طالبان، وهيمنتها على القرار السياسي في المناطق الأفغانية والقبلية الباكستانية حتى اليوم. يقدم الباحث الخلفية التاريخية لشبكة حقاني، وعلاقتها بوكالة الاستخبارات الباكستانية، ويقف على أسس العلاقة بين طالبان وشبكة حقاني، قبل أن يتناول موارد وتمويل الشبكة والشخصيات الداعمة والمؤسسات المالية لها. ويخلص إلى أن عوامل عدة ساعدت شبكة حقاني منذ نشأتها في بلوغها الحالة التي وصلت إليها. كانت الحركة المسلحة الأقدم ذات الأيديولوجية الإسلاموية، وينتمي قادتها لفرع قبلي واحد من قبائل البشتون، وثمة زعم أنها ترتبط بتحالف عضوي مع الاستخبارات الباكستانية، ومع المقاتلين العرب والأجانب، كما أن سياسة مؤسستها الإعلامية الناجحة، مكنتها من جمع التبرعات، مع تمتعها بعلاقة قبلية متشابكة بالداخل الأفغاني والمناطق الباكستانية.

يشير الباحث إلى أن العلاقة بين طالبان وشبكة حقاني، علاقة تحالف متينة، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي عانت منها طالبان بعد الاجتياح الأميركي، تعمق التحالف بين الطرفين، وأصبحت شبكة حقاني على قدم المساواة بعلاقاتها مع طالبان، وشريكاً لأول مرة معها في الحكم.

تمكنت شبكة حقاني بعد الاحتلال السوفيتي والأميركي لأفغانستان، من بناء إمبراطورية مالية متعددة الأوجه والمسارات، وقد بدأت في هذا النهج منذ الانسحاب السوفيتي وتراجع التمويل الأجنبي، فكان لخبرتها الطويلة في هذا المجال أثر واضح في تحولها لكيان اقتصادي كبير. يبدو أن الجيل الثاني من القادة في شبكة حقاني، مختلف عن الجيل الأول، وهذا ليس مفاجئاً في مثل هذه الحركات، ومن الواضح أنه كما أثبتت الممارسات الفعلية، والشهادات الحية والبحوث الميدانية، أن دوافع هذا الجيل مالية أكثر منهاعقائدية. يبدو أن هيمنة حركة طالبان السياسية على أفغانستان، ومشاركة شبكة حقاني في السلطة مع تمتعها بهيمنة اقتصادية، وعلاقة كلا الطرفين المميزة مع أجهزة الدولة الباكستانية «العميقة»، يشكل وضع مثالي أم مناسب للصين، خصوصًا بعد لقاء المسؤولين الصينيين قيادات عدة من حركة طالبان، ووجود تعاون اقتصادي مع شبكة حقاني، وعلاقة تحالف صينية- باكستانية. في حين أن الهند تبدو المتضرر الرئيس في المنطقة من هذه التطورات، ولذا يرجح بعض أن تعهد طالبان بعدم منح الجماعات الأويغورية المتمردة موطئ قدم، مع حماية طالبان وشبكة حقاني لطرق التجارة، ومرونة الطرف الصيني غير المقيد بشروط والتزامات قانونية وسياسية داخلية مثل نظيره الأميركي، قد تضمن صفقة مربحة للصين بالحصول على خامات رخيصة، ولحركة طالبان وشبكة حقاني، الاستحواذ على العوائد، مع القيمة الجيوسياسية لحماية طريق الحرير، وردع الهند وإغراقها في محيطها.

يفترض الباحث أن ما حققته شبكة حقاني من أرباح مالية، في ظل الفوضى، سيدفعها نحو الصراع لا الوفاق، كونه أكثر ربحًا لها من السلام، بينما يعتقد آخرون أن هذا التصور قد يبدو صحيحًا في حال لم تكن مشاركة في السلطة، ويتمتع قادتها بمراكز مهمة في السلطة الجديدة، مع وجود قوى عالمية مؤثرة مثل الصين وروسيا، مستعدين للتعاون معها، وهو ما يدفع هؤلاء المتفائلين للقول: إن من مصلحة الشبكة الاستقرار لكسب المزيد من الأرباح، ودعم مركزها السياسي والاقتصادي، بما يمنحها مزيداً من الاستقلالية في علاقاتها الخارجية. بينما تبقى مسألة التحالف مع طالبان، وإمكانية حدوث اهتزاز فيه، ومدى قدرة شبكة حقاني على ضبط تصرفات حلفائها من المقاتلين العرب والشيشانيين، والأجانب الآخرين، محل ريبة حيث يرى محللون أن النوايا وحدها لا تكفي، بسبب عدم إمكانية الحقانيين ضبط تصرفات هذه الجماعات، كما أن داخل الشبكة فصائل فكرية مختلفة قد تفضل الانحياز لقضايا هذه الجماعات ضد البلدان التي قدموا منها، بينما يرى الفريق الآخر أن هذا التخوف ليس في محله نتيجة القيادة المركزية العائلية للشبكة، واستغلال قادتها لهؤلاء المقاتلين الأجانب في حربها ضد ما يسمى «تنظيم الدولة الإسلامية -ولاية خراسان»، مقابل الملاذ الآمن وعدم تسليمهم لبلدانهم.