الوصف
أفرد الكتاب شهادة عن تجربة المراجعات الفكرية في مصر للواء فؤاد علام -رجل أمن ومؤلف وكاتب مصري، تقلّد مناصب مرموقة في الأجهزة الأمنية المصرية منذ الستينيات، وتخصص في مكافحة التطرف والإرهاب- أملاها على مهدي مبارك -باحث مصري- حيث قدمت هذه الورقة تجربة ودور اللواء المصري فؤاد علاّم في إطلاق «المراجعات الفكرية» للإسلامويين في السجون المصرية، وتكشف عن حقائق تعامل رجل الأمن المصري مع مبادرات وقف العنف وخلفياتها ورموزها، وتتضمن تصريحات من علاّم حول هذه القضية الحيوية من تاريخ المراجعات التي أعقبها تراجعات الإسلاموية المصرية، وهي ترتكز على تسجيل مع صاحب هذه الشهادة.
يرى اللواء فؤاد علام -بخبرته الواسعة- التي تمتدّ إلى نحو (70) عامًا أنه لا استراتيجية علمية لإدارة المراجعات، أو احتواء المتشدّدين دينيًا داخل السجون وإعادة دمجهم في المجتمع، وهو ما يؤجّل تلك الخطوة طويلًا، أو يتركها للزمن. جميع تجارب الدول العربية في التعاطي مع موجات المراجعات الفكرية –وفق رأيه- كانت اجتهادات شخصية «سرعان ما تفقد قيمتها وأهميتها»، ويضرب مثلًا بدولة العراق: «حقَّقت بعض النجاحات وشابها أخطاءٌ، ولا أستطيع القول: إنها نجحت في المطلق، لأنها -كغيرها– اجتهاد غير مبني على أسلوب علمي».
كانت تجربة اللواء فؤاد علام في إطلاق الشرارة الأولى للمراجعات الفكرية وإدارتها، هي الأخرى «اجتهادًا بلا مرجعية علمية»، حسب قوله: «لا أعرف كيف سأدير حوارًا مع التنظيمات، ولا من سيديره برفقتي، ولا الموضوعات التي تجب مناقشتها، وأدير الأمر ساعة بساعة، يحدث حادث طارئ فأضطر لمواجهته بتقدير موقف سريع، تقع واقعة فأواجهها بطريقتي». جاءت الورقة في سبعة أقسام: أولاً: كواليس المراجعات الفكرية؛ ثانيًا: المراجعات لا تُفرض من جانب السلطات؛ ثالثًا: من عطل “توبة” شكري مصطفى؟؛ رابعًا: مفتي “جماعة التكفير والهجرة” قائد المراجعات؛ خامسًا: “الأسود”.. رجل المراجعات الفقهية الأول؛ سادسًا: مواجهة التلمساني والهضيبي وقطب؛ سابعًا: مبادرة “وقف العنف” وإدارة الدولة للمراجعات.
ولفت علام إلى أنه من «الهجرة إلى العنف»، حتى «الهجرة من العنف»؛ جرت بين الدولة والتكفيريين مياه كثيرة، ما بدا منها كان فقط «رأس جبل الجليد»، وما خفي أعظم، المحاولات والاجتهادات لاحتواء الميول العنيفة لدى أجيال جديدة تبحث عن دور في التاريخ، بعد أن جرفتها ظروفها المتنوّعة واضطراباتها النفسية الخطرة إلى خدمة التنظيمات الإرهابية وتنفيذ أغراضها، وكان لكل شيخ وكل «قيادة أمنية» طريقة وأسلوب في المواجهة، لكن شهادة اللواء فؤاد علام، نائب رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، تضع الأزمة والوصية الأخيرة -لرجل عاش سبعين عامًا يحمل شعلة «الحوار» بين مجموعات متعاقبة من التكفيريين- أمام الجميع: «لا خطة علمية لإدارة المراجعات الفكرية وضمان توبة المتطرفين وهو ما نريده الآن بشدّة». ولغياب تلك الخطة ظلّ «حديث العنف» مستمرًا، وكامنًا في الصدور، طوال نحو قرن من الزمان، ويشكّل تهديدًا أبديًا، يطل برأسه ليضرب ضربته الغاشمة ثم يختفي حتى يختمر الغضب والشرور، تمهيدًا للعودة بضربة جديدة دون نهاية «حقيقية» للإرهاب.