طالبان وبوكو حرام: أثر العنصر القبائلي

45.00 د.إ

دينا توفيق

التصنيف: الوسوم:

الوصف

درست دينا توفيق -باحثة وطالبة دكتوراه بجامعة ملبورن في أستراليا، متخصصة في مكافحة التطرف والإرهاب- المصالح المشتركة بين القبائل والجماعات الإرهابية ، وتعقيدات المشهد القبائلي في أفغانستان، ودور البشتون بين أفغانستان وباكستان ، ثم عرجت على نشأة بوكو حرام وعلاقتها بعرقية الكانوري. لتستخلص أن السبب الرئيس في تنامي وتوطيد العلاقة بين العنصر القبائلي والجماعات المتطرفة والإرهابية هو غياب مؤسسات الدولة النيجيرية، وفشلها في استيعاب النسيج الاجتماعي المرتبط بعرقيات وقبائل متعددة ومتشعبة، ومن ثم إخفاقها في احتواء النزاعات والاشتباكات القائمة بين هذه العرقيات والقبائل.

وفي المقابل، نجحت جماعات مثل طالبان في أفغانستان وبوكو حرام في نيجيريا في استغلال العنصر القبائلي كعامل محوري في تعزيز سلطتهم، واكتساب شرعيتهم داخل البلاد والبلاد المجاورة. حيث تدرك هذه الجماعات التركيبة القبائلية والدينية لمجتمعاتهم، ومن ثم تجيد استغلال هاتين الورقتين في تعزيز نفوذهم.

ترى الباحثة أن العنصرين اللذين تحدث عنهما ابن خلدون وهما: «العصبية القبلية» و«الأيديولوجية الدينية»، هما عماد دولة طالبان، فيلاحظ المتابع بسهولة أن تلك الدولة هي في الأساس قبائلية، ولكنها تتخذ من الدعوة الدينية غلافًا دعائيًا يصلح للاستخدام في كل وقت، وتستدل على ذلك، بأن هناك من يؤيد حركة طالبان ويتعاطف معها دون أن يكون لديهم الحد الأدنى من المعرفة الحقيقية عن الحركة، ولكنهم يؤيدونهم فقط لأن الحركة تزعم تطبيق الشريعة الإسلامية والحفاظ على الهوية الدينية. والأمر ذاته بالنسبة لبوكو حرام، حيث استغلت الطائفية الدينية والنزاعات القبائلية لتأسيس حركتها وتوسيع أنشطتها خارج حدود نيجيريا، من خلال التحالف مع قبائل الكانوري المتمركزة في شمال شرق نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد.

تضيف الباحثة في خلاصتها أن النظام القبائلي يوفر هيكلاً قوياً لدمج أفراد القبيلة أو العرقية الواحدة، بحيث يصعب اختراقها أو إضعافها، وبذلك توفر بيئة حاضنة للجماعات المتطرفة والإرهابية. على سبيل المثال، بعد إزاحتها من الحكم عام 2001، احتضن بشتون باكستان بشتون أفغانستان ووفروا لهم دعماً مادياً وعسكرياً، حتى تمكنت حركة طالبان من استجماع قواها لتعود إلى حكم أفغانستان عام 2021. وكذلك الوضع بالنسبة إلى بوكو حرام، حيث احتضنت الكانوري أفراد الجماعة، بعد الحملة الأمنية المشددة التي قادتها السلطات النيجيرية ضد الجماعة، والتي انتهت بإعدام قائدهم محمد يوسف وقتل العديد من أعضاء الحركة عام 2009.