قيادات نسائية صوفية في أفريقيا: نانا أسماء دان فوديو والسخنة ماغات ديوب وعلوية الميرغني

45.00 د.إ

حمدي عبدالرحمن حسن

التصنيف: الوسوم:

الوصف

سعت دراسة حمدي عبدالرحمن حسن -باحث وأكاديمي مصري متخصص في الشؤون الأفريقية، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة زايد، الإمارات العربية المتحدة- إلى توضيح التغيير الذي حدث في ممارسة طقوس النساء الصوفيات في الخبرة الأفريقية، وخصوصاً الممارسات المجتمعية النسائية داخل الإسلام. فيبين أنماط القيادة النسائية الصوفية: الكفاحية، والاستقلال الثقافي، وقيادة المقاومة الوطنية ضد الاستعمار، ثم يعرج في القسم الثاني على ثلاثة نماذج من القيادات النسائية الصوفية في أفريقيا وهن: نانا أسماء دان فوديو، والسخنة ماغات ديوب، وعلوية الميرغني.

يرى الباحث أن الطرق الصوفية ومنظماتها لم تقدم منافذ اجتماعية لمشاركة النساء باعتبارهن من الأتباع فحسب، ولكنها -في بعض الأحيان- دفعت بهن إلى موقع القيادة الروحية، وفي أحيان أخرى أسندت إليهن القيام بالوظيفة الكفاحية من أجل تغيير المجتمع.

كان تأسيس الطرق الصوفية والتحكم فيها من قبل الرجال، وكانت صفة الولي أو شيخ الطريقة حكراً على الرجال على الدوام. ومع ذلك، فإن معظم الطرق -كما عرضت هذه الدراسة- تقدم حالات مثيرة للاهتمام للمرأة الولي، ومن ذلك كما يظهر في الطريقة المريدية بأنموذج: السخنة ماغات ديوب التي لم تحظ بلقب الخلافة الدينية فحسب، بل أصبحت أيضًا زعيمة رفيعة المستوى، مع كل مظاهر القوة التي تصاحب هذا المنصب. وعلى الرغم من أنها كانت امرأة، فإن والدها سيرين عبدالله ديوب، الذي تتلمذ على أيدي مؤسس الطريقة أحمدو بمبا، كان يفتقر إلى الورثة الذكور عند وفاته عام 1943. لقد أوصى قبل وفاته بأن تتولى ابنته مهامه، مثل أي شيخ من الرجال. لم تكن تؤم الناس في الصلاة ولم تقم بحضور مراسم الزواج، بل إنها قامت بالتدريس والكتابة وأداء الخلوات الصوفية.

لم يقتصر رفع قدر المرأة إلى موقع الزعامة الدينية على الطائفة المريدية أو الختمية فقط، حيث شهدت القادرية ولوج النساء إلى مرتبة الشيخ. ولكن على عكس السخنة ماجات ديوب لم يتم تعزيز هذه القيادة بما تتطلبه من التعليم الديني. لم يكن لديهن تلاميذ ولا يسمح لهن بتلقي الهدايا. ومع ذلك، يُسمح لهن بقيادة الدوائر النسائية، وجمع الأموال للمربوط، وتنظيم المهرجانات، والسعي نحو وسائل أخرى لزيادة جمهور وأتباع المربوط.

ركزت الدراسة في أحد جوانبها كذلك على الطريقة الختمية، في المشهد الثقافي والديني والاجتماعي والسياسي الإريتري، وبحثت بشكل خاص في كيفية تفاعل الطريقة وتكيفها مع الاحتلال الإيطالي، للمساهمة في فهم الديناميات الجنسانية الأوسع، التي شكلت المواجهة الاستعمارية في المنطقة.

يشير الباحث إلى أنه من المرجح أن يكون أنموذج التنوع الاجتماعي الذي تعكسه خبرة الشريفة علوية الميرغني أحد العناصر المساعدة في فهم علاقات القوة وأشكال السلطة والتسلسل الهرمي في المجتمع. هذه الديناميات مقيدة بشكل أكثر صراحة بالنساء، حيث يُنظر إليهن على أنهن يجسدن الأفكار الدينية والعائلية، فضلاً عن العوامل الرئيسة لنقل القيم، والسيطرة على المجتمع المدني، من خلال تحدي بعض أشكال الهيمنة الذكورية.

النساء في السلطة الدينية في روسيا (1937-1917): القاضية مُخلِصَة بوبي

تناولت دراسة روزاليا غاريبوفا (Rozaliya Garipova) -أستاذ مساعد في الدراسات الإسلامية والتاريخ في جامعة نزار باييف كازاخستان- النساء في السلطة الدينية في روسيا. وحاولت التعرف إلى العوامل التي أسهمت في ظهور أول امرأة عملتْ قاضية للشرع في تاريخ العالم الإسلامي الحديث وهي مخلصة بوبي. يُعتَبَرُ ذلك الحدث غير المسبوق، بمثابة ومضة في التاريخ، فهو حدثٌ غير عادي وقد جاء نتيجة تلاقي عوامل عدة تشمل التقليد، والحداثة الإسلامية واللحظة الثورية (الثورة الروسية 1917).

تخلص الباحثة إلى أنه خلال ولايتها الطويلة في منصب قاضٍ للشرع، استمرت مُخلِصَة في استعمال سلطتها بهدف تنظيم الخلافات في المجتمع المسلم. وكذلك استعملت وضعيتها السلطوية لتحسين حقوق النساء في العائلة، إضافة إلى حقوقهن في الوصول إلى التعليم والحصول على المعرفة. ولو لم تُنْهِ الدولة السوفيتية حياتها ومسارها المهني عبر إعدامها، وكذلك الحال مع المؤسسة الدينية والتعليمية المسلمة، لكان من شأن مثالها كامرأة تمتلك معرفة وسلطة دينية عليا، أن يترسّخ مؤسّساتيًّا في صفوف مسلمي منطقة فولغا- أورال.