ما الذي يحفز العلماء غير اليهود في ألمانيا على دراسة معاداة السامية؟

45.00 د.إ

غونتر جيكلي

التصنيف: الوسوم:

الوصف

يرى غونتر جيكلي -أستاذ مشارك في الدراسات الجرمانية والدراسات اليهودية في جامعة إنديانا (Indiana University)- أن معاداة السامية والإسلام السياسي الراديكالي، يعادلان التصوّرات العالمية التي ثبت أنها تُحدث دماراً تامًّا، أينما اكتسبت السلطة السياسية. وفي حين أن الإسلام السياسي ظاهرة جديدة في العصر الحديث تشتمل على «نظريات مؤامرة» معادية للسامية، فإن معاداة السامية تغيّرت على مدار الألفي سنة الماضية، وبلغت ذروتها في أسوأ حالاتها حتى الآن في المحرقة المرتكبة بألمانيا النازية. غير أن معاداة السامية والإسلام السياسي أصبحا اليوم تحدّياً رئيساً للمجتمعات في أنحاء مختلفة من العالم. ومن يجرون أبحاثاً عن هذه المفاهيم العالمية، ويدركون أنها مفاهيم خاطئة خطيرة عن العالم، ربما يكونون قادرين على تزويد صانعي السياسات والمجتمع على العموم بالمعلومات التي تساعدهم في المكافحة الفاعلة لمعاداة السامية أو الإسلام السياسي.

يتساءل الباحث: ما العوامل التي تحفز الناس على مقاومة معاداة السامية أو الإسلام السياسي ومواجهة هذه التصوّرات العالمية؟ تأخذ هذه الدراسة خطوة إلى الوراء وتنظر في دوافع المتخصّصين الذين يدرسون معاداة السامية في ألمانيا والنمسا، اليوم لأنهم يرون أنها تمثّل مشكلة في مجتمعاتهم. قد يوفّر ذلك بعض المؤشّرات على كيفية تشجيع مزيد من المتخصّصين على دراسة المفاهيم العالمية المدمّرة في جوهرها، مما يدفع الباحث لإجراء مقابلات مع علماء متخصصين في دراسات معاداة السامية، وهم: كارِن ستوغنر، وصموئيل سالزبورن، وفولكر بِك، وسينا أرنولد، وماتياس جيكوب بِكَر، وغونتر يونِس جيكلي.

يدرس العلماء دوافع المشاركين في الخطاب والسلوك المعادي للسامية. وقد خُصّص جزء كبير من دراسات المحرقة لهذه المسألة منذ تسعينيات القرن العشرين على الأقل. وحُدّدت أنواع مختلفة من الجناة، من البيروقراطي المبتذل المزعوم إلى نقيضه، أي الجاني ذي الميول السيكولوجية. لكن أظهرت دراسات الحالة، حتى في هذه الفئات، مجموعة كبيرة ومتنوّعة من الدوافع. وغالباً ما توجّه الدوافع النفعية والانتهازية الدوافع اللاعقلانية والأيديولوجية وتسندها. وربما يستخدم السياسيون الدعاية المعادية للسامية؛ لاستغلال المشاعر المعادية للسامية لدى السكان، وتحويل أنظارهم عن مسؤولياتهم بلوم اليهود على مشاكل المجتمع. وقد يهاجم الجيران العنيفون المعادون للسامية اليهود ويطردونهم من مساكنهم للحصول على أمتعتهم. فمعاداة السامية هي أحد العوامل المحفّزة التي تؤدي إلى الفعل المعادي للسامية، وإن كانت عاملاً مركزيًّا في كثير من الحالات. وعند النظر في مصدر المواقف المعادية للسامية، يحدّد علم النفس الاجتماعي الإسقاطات المنسوبة لليهود بوصفها آلية أساسية للأفكار المعادية للسامية، ويقدّم التاريخ الطويل للعالم الغربي وتقاليد معاداة السامية مخزوناً كبيراً من العبارات المجازية المتاحة المعادية للسامية.

يشير الباحث إلى أن كل من قابلهم كانوا حسّاسين تجاه موضوع معاداة السامية بالمعنى الواسع، سواء أكان بالتجارب التي أوضحت فظاعة المحرقة وكيفية التعامل معها في ألمانيا والنمسا، أو بالإحساس القوي بالعدالة، أو بمشاهدة معاداة السامية في دوائرهم الاجتماعية. أو السياسية، أو باللقاءات الشخصية مع اليهود أو الإسرائيليين. وهم يشعرون بأن معاداة السامية لم تعالج بشكل كافٍ حتى الآن في سياقاتها المعاصرة.